الكلفة الحقيقية للتدخل الانساني: الحقيقة المريرة لفكرة نبيلة/ ترجمة مروان الرشيد

الكلفة الحقيقية للتدخل الانساني
الحقيقة المريرة لفكرة نبيلة
 بقلم بنجامين ڤالنتينو
حين كانت القوى المناهضة للقائد الليبي معمر القذافي تحكم سيطرتها على طرابلس في الأيام الأخيرة من أغسطس ٢٠١١، بدأ الكثير من الخبراء بالتحدث عن نصر، ليس فقط للمتمردين، بل وأيضا للتدخل الانساني. دعاة التدخل في ليبيا يجادلون أن رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما وجد الصيغة الموفقة للتدخل: دعم إقليمي ودولي واسع، وتوزيع حقيقي للعبء مع الحلفاء، وقوات محلية مؤهلة تشن الحرب على الأرض. بل ذهب البعض إلى التبشير بأن هذا التدخل مُؤشر على بزوغ “مبدأ أوباما”.
جلي أنه من المبكر التحدث عن انتصار كهذا بالنظر إلى أن الكلفة النهائية للتدخل الليبي لم يتم حسابها بعد. فما تزال البلاد على شفير حرب أهلية، والحكومة الجديدة قد لا تكون أحسن حالا من سابقتها. وفي الوقت الجاري، تظهر بوادر مُقلقة لاقتتال في صفوف المتمردين، إضافة لأنباء ذات مصداقية عن انتهاكات لحقوق الإنسان تقوم بها قوات من المتمردين. Continue reading

تهافت حجج دعم “التدخل الخارجي”

من يدعمون التدخل الخارجي أحد اثنين:

١- طرف يدعمه من منطلق “إنساني”، أي يقول “أنا أريد إيقاف حمام الدم هذا بأي ثمن، ولو كان بتدخل خارجي”، “كل ما يهمني ردع هذا المجرم بشار من القتل اليومي”.

١- طرف يدعمه من منطلق سياسي. أي يقول أن التدخل الخارجي هو عبارة عن “تلاقي مصالح”. ويقول “قد يتسبب التدخل الخارجي بسقوط قتلى ومدنيين وضحايا، ولكن هذا ثمن تحقيق الهدف السياسي”.

سأقوم الآن بتقديم ثلاث حجج:

أولا، من يبيح قتل المدنيين لتحقيق أهداف سياسية هو مثل بشار الأسد.

فبشار الأسد لم يستيقظ من النوم فجأة وقرر تقتيل الناس، بل مارس القتل واستهدف قرى ومدن وبلدات ثارت عليه، فاستباح قتل مدنييهم لتحقيق هدف سياسي وهو “إخماد الثورة وبسط سيطرته على البلاد”. والتدخل الإيراني والروسي في سوريا كان من منطلق سياسي غير آبه بأعداد المدنيين الذين يقتلون من أجل تحقيق الهدف السياسي “حماية النظام السوري من السقوط”.

الآن، كيف يختلف- من ناحية أخلاقية- من يدعم التدخل الخارجي لهدف سياسي “إسقاط النظام”؟ Continue reading

مغالطات حول القومية العربية..مقالة حميد الدين أنموذجاً/ بقلم محمد الصادق

يلاحظ كثيرون بأن الفكر القومي عاد من جديد ليفرض نفسه على النقاش العام في العالم العربي، وقد انقسم حولهُ الناس بين مؤيد ومعارض، وبين من لازال في طور التأمل فيه. يُبشر بعضهم بانتهاء القومية كنموذج، في حين أن الواقع الحالي يشير لحدوث العكس تماماً، فنحن في حالة انفجار كبير للهويات التي تسعى بشكل حثيث لحصولها على اعتراف العالم كأمم قومية وإيجاد كيان سياسي يحقق مصالحها.
نستطيع الجزم بأن الاهتمام بالقومية في تعاظم على مستوى العالم، وهو نقاش هوياتي بامتياز، نابع من سؤال من (نحن)؟، وما هي الأمة؟، وكيف تتشكل الأمم؟. القومية من الظواهر المثيرة، بل هي من أهم ظواهر العصر الحديث الاجتماعية والسياسية بحسب المفكر الليبرالي بشعياهو برلين، وهي شكلت مادة مهمة للبحث والدراسة خصوصاً في العقدين المنصرمين، وقد يكون العالم العربي أقلها نقاشاً واهتماماً بها نتيجة للصراعات المذهبية و للظروف الحالية التي تمر بها الأمة العربية و المتمثلة في فشل السلطات الحالية الذريع في حكم وإدارة الدولة الوطنية (القُطرية).
إذاً الظاهرة القومية في حالة انبعاث وليست إلى إنتهاء كما أشار الأستاذ عبدالله حميد الدين في مقاله المنشور بعنوان ” خواطر في تفكيك بعض فرضيات القومية العربية” والذي نحن بصدد مناقشته في هذه المقالة، بل إن كثيراً من الدراسات اليوم تربط بين القومية والتنمية في تجاوز تام لمجرد ربطها بموضوعين ساهما في ظهورها الأول: الوحدة والتماسك الاجتماعي، ومقاومة الاستعمار. في البداية وقبل الحديث عن القومية ووظيفتها لابد من التأكيد على وظيفة الدولة: فالدولة في تجليها الأمثل هي إطار تنظيمي ينظم علاقة الجماعات المحلية ويضمن مصالحها داخل حدودها وكذلك العلاقة بين الجماعة الوطنية و الجماعات الآخرى المجاورة لها. لذا فإن السؤال الذي يمكن أن يُربط بموضوع القومية هو من هي هذه الجماعة القومية؟ هل هي الجماعة العرقية أم الجماعة اللغوية أم الإثنية أم العنصرية، ومن ثم دراسة الرابطة الأمثل لتمثيل مصالحها ومستقبلها. وذلك لأن تحديد من هي الجماعة هو من يعطي للحدود الجغرافية معنى، وهو كذلك من يحدد طبيعة علاقة الأفراد داخل حدود هذه الدولة، ذلك لأن الدولة هي ذروة التنظيم الاجتماعي. Continue reading