حول “المحاكمات”؟

-١-

اعتدت عندما أريد أن أعرف تاريخ اليوم بالتقويم الهجري أن أدخل إلى موقع صحيفة الرياض لأعرف تاريخ اليوم، ونادرا ما يسرق انتباهي أحد مانشيتاتها العريضة. لكن ما حدث اليوم انتهى بي إلى أن أعزم على كتابة إجابة على هذا السؤال الذي كثيرا- على الرغم من بداهته وبساطته ووضوحه- ما نبعت منه اختلافات عجيبة وغريبة لا منبع لها سوى الجهل بمعنى أن يكون المرء “مواطنا في دولة حديثة”، الحقيقة الواضحة واليومية التي لا يفعل السعوديون شيئا أكثر من إنكارها، أو -ببساطة- عدم إدراكها.

في اليسار من الصفحة الرئيسية داخل مربع “ملفات خاصة”، نجد ملفين يندرجان تحت هذين العنوانين: “الرئيس خلف القضبان”- وتعريفه “ملف تفاعلي يرصد مجريات محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك…”- و “محاكمة الإرهاب” – وهو الآخر يعرف بالتالي “ملف تفاعلي لمحاكمة الفئة الضالة”. عندما قرأت الأول، تذكرت الاعتراضات المتكاثرة التي انتشرت في تويتر بخصوص محاكمة مبارك، اعتراضات تحكم غالبيتها ثيمة ترى في هذه المحاكمة “إهانة” للرئيس المخلوع. الأمر الذي جعلني ايضا استعيد الصورة النمطية التي تم فيها تصوير “محاكمة حميدان التركي” باعتبارها محض مسرحية لأحكام أعدت سلفا هدفها النيل من رجل لم تكن جريرته سوى الدعوة إلى الإسلام.

ما إن حطت عيناي على العنوان الثاني حتى انقطعت هذه التأملات بالدهشة العارمة من كيفية صياغة العنوان. “محاكمة الإرهاب” و “محاكمة الفئة الضالة”… هذه العبارات- وهي بالغالب ليست متعمدة، وقد يكون دافع صياغتها بهذا الشكل محاولة بائسة لابداع عناوين غير تقليدية- لا تعني شيئا سوى أن لا معنى من المحاكمة إذا كان الحكم جاهز. فأي معنى من أن أقول “محاكمة القاتل”، إذا كان كونه قاتلا أمرا مفروغ منه، سوى أن يكون معنى المحاكمة محصور فقط في تحديد العقوبة التي يستحقها لا في تقرير ما إذا كانت التهمة ثابتة أم لا. وهذا التصور المنتشر لدور المحاكمة، بأنها محض مرحلة “تحديد العقوبات”، أي مجرد امتداد للجهاز التنفيذي، جعل كاتبا يوصف بأنه لبرالي أو تقدمي لا لشيء فقط لأنه متعصب ضد المطاوعة- من بطء المحاكمات والبيروقراطية مطالبا باعتبار أن الموضوع محسوم والمسألة واضحة.

قبل أشهر انتشرت قضية من سمي بـ “وحش جدة” وهو شخص متهم بالاعتداء على عدد من القاصرات. انتشرت القضية كالنار على الهشيم، واعتبر مجرد القبض عليه كافيا للحكم بأنه هو الجاني. بعد القبض عليه، تم حبسه في انفرادي، وبحسب رسالته التي نشرتها بعض الصحف فإنه استخدم معه “الضرب باليد على الوجه والرأس والرفس بالأرجل والبصق على الوجه والوقوف على الجدار مكلبش اليدين والرجلين والكلام البذيء والطعن في شرفي وإطفاء السيجارة في رجلي”، أي أن جهات التحقيق والقبض لم تنتقل فقط من الاتهام- والتحقيق من أجل اثبات هذا الاتهام- إلى “الحكم” على الرجل، بل انتقلت إلى “معاقبته”، وسط ترحيب- كنا نقرؤه ونتابعه سويا، وصل حد اختلاق مقاطع فيديو على اليوتيوب من أجل تأكيد التهمة- من الناس. لتنتهي القضية في الأخير بالإفراج عن المتهم لأن جريمة اغتصاب وقعت بينما هو موقوف، ليتم إيقاف متهم آخر.

كل هذه الحوادث والجوانب حول التفاعل الشعبي مع موضوع الجرائم والمحاكمات والقضايا الجنائية يشير إلى أن المعنى الواضح والبسيط للمحاكمة غائب تماما. المعنى الواضح الذي يتضمن مبادئ جوهرية من قبيل “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، وتثبت إدانته عبر محاكمة مستقلة علنية. مستقلة، أي أنها لا تنحاز لطرف دون طرف، وعلنية بمعنى أن إجراءاتها وتفاصيلها تتم أمام أعين الناس وبالتالي تقطع الطريق أمام أي محاولة للقاضي بأن ينحاز لطرف دون طرف.

والغريب جدا أن هذا “الغياب” لمعنى المحاكمة، لا يوجد إلا في القضايا التي تكون فيها الدولة طرفا. أذكر أني كنت في المحكمة الجزئية في بريدة وحضرت عدد من المحاكمات بين مواطنين متخاصمين- أحدهم يطلب آخر دينا لكنه لم يسدده، آخر يتهم غريمه بأنه لم ينجز عملا اتفق معه عليه بحسب عقد بينهما. كانت هذه المحاكمات تعكس المعنى الطبيعي للمحاكمة: مدعي يحمل دعوى ضد آخر مدعى عليه، مطلوب منه أن يثبت دعواه بالأدلة أمام قاضي محايد في مجلس مفتوح، وحكم القاضي هنا هو الذي يحدد ما إذا المدعي محقا في دعواه أم لا.  لكن في القضايا التي تكون فيها الدولة مدعيا، ينقلب معنى المحاكمة- شعبيا على الأقل- ويصبح مجرد “القبض على شخص” أو “التحقيق معه” هو إدانة وحكم، ويصبح الذهاب للمحكمة لا يحمل في داخله أي معنى سوى تحديد نوع العقوبة التي يستحقها.

-٢-

بعد هجمات ١١ سبتمبر، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية حربها على الإرهاب، الذي استهلته باحتلال افغانستان. أثناء ذلك الاحتلال، قامت بالقبض على عدد من اعتبرتهم “أعداء محاربين”، وقامت بسجنهم في معتقل أشعة إكس تم اعداده في يناير عام ٢٠٠٢ في قاعدة عسكرية في جوانتنامو في كوبا. لماذا “أعداء محاربين”؟ ولماذا “جوانتنامو”؟ كلا السؤالين يحملان جوابا واحدا: حرمان هؤلاء البشر من أي حماية قانونية تمنحهم أي حق، فاعتبارهم “أعداء محاربين” يتضمن أنهم ليسو “أسرى حرب” مشمولين ضمن معاهدة جنيف المتعلقة بالحروب، واعتقالهم في جوانتنامو- بعد الحرب الأمريكية-الأسبانية نهاية القرن التاسع عشر، وانتصار الولايات المتحدة، كانت كوبا إحدى مستعمرات أمريكا، وفي مطلع القرن العشرين تم توقيع اتفاقية بين الحكومة الأمريكية وشعب كوبا، تعترف بموجبها أمريكا بكوبا كدولة ذات سيادة مستقلة، مقابل السماح لها بانشاء قاعدة عسكرية لها في جوانتنامو- كان يعني وضعهم في مكان قريب من أمريكا، لكنه لا يدخل ضمن سيادتها، وبالتالي لا يعطي هؤلاء المعتقلين أيا من الحقوق التي يكفلها الدستور الأمريكي. وهكذا أصبح هؤلاء البشر بلا أي حقوق، يتم اعتقالهم وتعذيبهم بلا أي مدى دون أن توجه لهم تهمة وليس لهم حق “الاعتراض أمام محكمة على اعتقالهم التعسفي” أو ما يدعى Habeas Corpus.

بكل ما تحمله هذه الحادثة من تجل للشر الإنساني، إلا أنها أيضا كانت الشرارة التي أطلقت سلسلة من المعارك القانونية الكبرى في التاريخ الأمريكي. فمع بداية عام ٢٠٠٢، قدم مركز الحقوق الدستورية في أمريكا طلبا باسم المعتقلين “محمود حبيب” و “شفيق رسول” بالاعتراض أمام محكمة على اعتقالهم التعسفي- في قضايا معروفة باسم “رسول ضد بوش” و “شفيق ضد بوش”. رفضت محكمة الولاية الطلب، ثم مضت القضية إلى محكمة الاستئناف، لتصل في النهاية لدى المحكمة العليا، التي أصدرت في ٢٨ يونيو ٢٠٠٤ قرارا يعطي الحق لهؤلاء المعتقلين بتقديم طلبات مثول أمام محاكم ضد اعتقالهم التعسفي، وبالفعل تم إطلاق سراح بعض المعتقلين.

بعد ذلك، بدأت وزارة الدفاع الأمريكية بتشكيل لجان عسكرية لمحاكمة المعتقلين. وفي قضية مشهورة رفعها محامي سالم أحمد حمدان- الحارس الشخصي لأسامة بن لادن- ضد راسمفيلد- تعرف باسم “حمدان ضد رامسفيلد”- يطالب بها بإطلاق سراحه نظرا لأن اللجنة التي تحاكمه تفتقر للشرعية ولا توفر له الحمايات المقررة في اتفاقيات جنيف والقانون العسكري الأمريكي. مضت القضية حتى وصلت إلى المحكمة العليا، لتقرر المحكمة العليا أن هذه المحاكمات غير شرعية، ويجب أن تستند على قانون مصدر من الكونجرس. وبالفعل، قام الكونجرس باصدار قانون وقعه الرئيس بوش يقضي بتأسيس لجان عسكرية لمحاكمة المتهمين بنفس المزايا التي كانت المحاكمات السابقة تتمتع بها.

أخيرا، في ١٢ يونيو من عام ٢٠٠٨، أصدرت المحكمة العليا حكمها بخصوص قضية عرفت باسم “بومدين ضد بوش” والمرفوعة ضد القانون الذي أصدره الكونجرس باعتباره غير دستوري. كان حكم المحكمة أنه بالفعل غير دستوري، وبالتالي أعادت للمتهمين الحق بالمطالبة بالمثول أمام قاضي وأنهم مشمولين تحت الدستور الأمريكي انطلاقا من أنهم بحكم الأمر الواقع في مكان يخضع للسيادة الأمريكية وإن كان قانونيا ليس كذلك. في معرض تسبيبها للحكم أوردت المحكمة العليا مقدمة طويلة استعرضت فيها تاريخ هذا الحق- حق المثول أمام قاضي للاحتجاج على الاعتقال التعسفي المسمى باللاتينية Habeas Corpus- من التاريخ الإنجليزي القديم حتى إيراده في الوثيقة الحقوقية الأقدم، الماجنا كارتا.

لماذا أستعرض هذه التفاصيل؟ الجواب يبدو واضحا، أنه على الرغم من العمل الإرهابي الرهيب الذي كانته أحداث ١١ سبتمبر، إلا أن المعتقلين والمشتبه بتورطهم في هذه العملية، وعلى الرغم من الاحتياطات التي حاولت إدارة بوش اتخاذها للحيلولة بينهم وبين أي غطاء قانوني يمنحهم أي حقوق بشرية، إلا أنهم ومن خلال نفس الدولة التي تأذت من هذا العمل الإرهابي، وعلى الرغم من كونهم مشتبه بهم في هذا العمل، إلا أنه تم منحهم حقوقا تماثل حقوق المواطن الأمريكي! أي بدل التأمين خلف الحكومة الأمريكية- المنتخبة انتخابا ديمقراطيا- وتبرير تصرفاتها وتجريم المعتقلين، تم منحهم الحق باللجوء لمحاكمة عادلة.

-٣-

عوضا عن أن يحلوا خلافاتهم بسفك الدماء والقهر والغصب، قام البشر منذ قديم الزمان باختراع المحاكم، باعتبارها مقرا سلميا لحل النزاعات واسترداد الحقوق وايراد المظلمات. لكن في الفترات التي انقسم فيها االبشر إلى حكام ومحكومين، وانطلاقا من كون السلطة التي يتمتع بها الحاكم تغريه دوما إلى سلب المحكوم أملاكه أو حياته أو حرياته، كانت المحاكم عاجزة عن إنصاف المحكومين من حكامهم، نظرا لأن القضاء نفسه يستمد وجوده من الحاكم نفسه، وبالتالي فاقد لاستقلاليته.

مع التطور التاريخي للدولة، من كونها محض “طبقة حكام”، إلى مجموعة أجهزة كاملة لا تعبر عن طبقة محددة بل تعبر عن “أمة”- هم مجموع مواطنين محصورين في نطاق جغرافي محدد- ومكرسة لخدمتهم، أصبح تغلغلها في حياة الناس أكثر، وبالتالي قدرتها على استباحة املاكهم وحرياتهم وأنفسهم أكثر وأكثر. وانطلاقا من أن السلطة تغري صاحبها بالتجاوز، كان تطور أدوات ردع هذا التجاوز مهمة، لعل أهمها الحرص والتأكيد على استقلال القضاء، واستقلاله هنا لا يعني أكثر من استقلاله عن الجهاز التنفيذي. إذ لا يستطيع رامسفيلد – باعتباره وزير الدفاع وقائد الجيش- أن يضع محاكم يحكم بها على معتقلي جوانتنامو، لأنه في هذه الحالة سيكون الخصم والحكم.

ولكن استقلال القضاء – اذا كان معناه عدم تدخل السلطة التنفيذية فيه- ليس كافيا، بل عليه أن يتحول إلى جهة بامكانها حماية الأفراد من السلطة التنفيذية اذا استنجدو بها. وهذا التطوير لوظيفة القضاء نجد له نموذجا واضحا في ما كان يدعى منذ الدولة العباسية بـ”ولاية المظالم”، حيث أن والي المظالم: نصف والي، ونصف قاضي، له عسكره الخاص، ودوره يتمحور بإخضاع الولاة للعدالة، واخذ الحق منهم اذا ثبت أنهم انتهكوه. يروى أنه عندما تولى يوسف بن يعقوب المظالم “نودي في الناس: من كانت له مظلمة ولو عند الأمير الناصر لدين الله الموفق (وهو أخ الخليفة المعتمد وكان وليا للعهد)، أو عند أحد من الناس فليحضر”.

لكن كيف السبيل إلى مثل ذلك و”المحاكمة” – التي هي أسمى وسائل اخذ الحق وانصاف المظلومين، بحيث يعتبر الوصول إليها أحد أهم الحقوق الجوهرية للإنسان لحمايته من تسلط الدولة عليه- تحولت إلى إهانة، أو مجرد مرحلة تحديد عقوبة لأشخاص ثبتت تهمهم بمجرد القبض عليهم. إنها عودة لنفس الإشكالية، أي عدم ادراك اننا مواطنين في دولة حديثة، حيث حماية الناس من جور السلطة التنفيذية وتغلغلها، هو المهمة الأصيلة الملقاة على عاتق الجميع، وهي المعيار الذي به تتحدد مدى احترام الدولة لكرامة الإنسان من عدمه.

16 Responses

  1. كعادتك ياسلطان، تدوينة متكاملة وثرية
    انا بصارحك بالغرام “انت من القليلين اللي ما احس بالملل وانا اقرأ مقالاتهم مهما كانت طويلة”

    ما راح اقول لك: ارجع تويتر. راح اقول: ع الاقل لا تترك التدوين، استمر.. تحياتي لك ^_^

    1. الله يخليك يا مرتضى، مشكور يابعدي
      الكتابة مثل التنفس، ادمان ما نقدر نتركه، بس من تالي بادين يسجنون الناس على كلامهم، الله يستر

  2. كلامك سليم ,
    لكن ما الحاجة لتلويث المقال بالنزعة المتأمركة اكثر من الامريكان؟ يعني ضاقت الامثلة؟
    لاتنسى ان مثالك الاول كان بسبب ان المواطن بريطاني الجنسية.
    وبعدين تبي تقول لي ان بوش او ديك تشيني او اوباما او كلنتون من الممكن محاكمتهم بجرائم حرب في محكمة امريكية؟
    اما قيتمو فالوضع مزري اقر هنا http://tiny.cc/ik8gr سيتم اعتقالهم “الى مالا نهاية بدون محاكمات” شيء طيب ما شاء الله, هذا اوباما حبيبكم الحين.
    فضربك للامثلة زي الي يجيك ويضرب لك مثال ولا مثالين على حكم منصف للمحاكم هنا ويقول لك خلاص القضاء عندنا ممتاز ومستقل وكل واحد يروح بيته ينام مبسوط ومرتاح.

    1. أهلين،
      لا تحمل كلامي أكثر مما يحتمل، الشاهد كان على رغم كل الاحترازات وكل المحاولات التي حاولتها السلطة التنفيذية وما زالت تحاولها في حرمان معتقلي جوانتنامو من أية حقوق، إلا أن السلطة القضائية وعبر القضايا التي رفعت فيها، تمكنت من تقييدها والحد من إجراءاتها.
      هذا لا يعني أبدا “تقديسا للنظام الأمريكي” ولا تبرئة للرؤساء وغيرهم، كل ما أردت قوله، أن هذا المثال- مثال جوانتنامو- وهو المثال المحبب عند من يدافع عن حق أي جهاز تنفيذي على احتجاز من يراه خطرا إلى الأبد وبدون محاكمة، تم تكبيل يد السلطة التنفيذية فيه بشكل كبير ومتزايد.
      هذا لا يبرر أبدا السنوات المهدرة والتعذيب الذي وقع للمعتقلين، ولا يبرئ ساحة الادارات المتعاقبة على الجرائم التي وقعت في حروبهم.

      شكرا لك

    1. فال الله ولا فالك، أنا ما اشوف التاريخ الهجري الا اذا دجيت وباشوف كم باقي على المكافأة
      الله يغنين بحيث ما اشوف التاريخ الهجري 😀

  3. رائع جداً ومتكامل ..

    للأسف في الوضع الحالي تحس إنك تدور في حلقة مفرغة، إذ أن جهاز الدّولة يمارس التعبئة عبر وسائل الإعلام ضد “قضايا فرديّة” تمس المجتمع والمواطن العادي أكثر من غيره، ومن ثم “يطيش حجر” المواطن العادي، مفهومه للمحاكمات والذنب والعقوبة والبراءة يختلف أو يتلاشى خلف الغضب والتقزز أو الخوف الذي تتركه فيه قضية معينة ..

    والمواطن أيضاً يمارس ذات التعبئة من دون أن يعي أو يقصد ..

    أضف إلى ذلك كونه سلوك مجتمعي يصدر سوء الظن والانتقام وأخذ الحق باليد قبل اللجوء الى السبل القانونية
    وأضف إلى ذلك “تسامحه” أمام هذا السلوك لقناعة الجميع بأنهم “قد يكونون في مكانه” يوما ما و “يجب أن يفهموه”
    وشيء آخر، الإنحياز الصّارخ للمظلوم (ولو من دون دليل) في وجه الظّالم “الذي يؤخذ بشبهة) .. نظام الباب الي يجيك منه الريح سده واستريح، أو على قولة اخواننا المصريين ” إقطع عرق وسيح دم” .. ولا دخان من غير نار ..

    الثلاثي العجيب، قضاء وتشريع وتنفيذ وإن تحكمت السلطة التشريعية بالاثنين فحرية الأداء باتت محل تساؤل
    يبقى التساؤل الذي لا أجد إجابة عليه، هل التضليل متعمد؟ أي تضليل مفاهيم المواطن عن العدالة والبراءه والذنب والعقاب والمحاكمات وكل هذه الأمور .. هل تخض لتضليل متعمد؟ أم تضليل غير متعمد يتم السكوت عنه؟
    أم “جهل” يتم تجاوزه؟

    أم هناك قصر نظر فحسب؟ !

    لا أدري ..

  4. اغلب مشكلاتنا الاجتماعية خصوصا ما يتعلق منها في الادارة السياسية ، والعدالة الاجتماعية ، هي في اصلها مشكلة مشكلة المجتمع تجاه مفهوم مصطلح الدولة ، من حيث المركزية والدستور والفردانية .
    وحلها يتجاوز مسالة ما يسمى بالتوعية ، التوعية هي جزء من مسار ، وحتى نفهم ذلك يجب فهم كيف يفكر المستبد ، وكيف يفكر العبيد ايضا ، فالمستبد القابض على شيء لا يمكن ان يعطيك إياه لمجرد انك طلبته و”قمت بتنويره” ، وكذلك العبيد ، لا يفهمون مشاكلهم دعك من ان يعرفوا حلولها ويقومون بها ، قبل ان تمنح لهم حريتهم ، أو بلغه اخرى “ينتزعونها”، فالعبيد كما يقال: لا يصنعون حضارة .

    المسالة إذن تتجاوز مسالة وعي مسالة الحقوق والدستور واستقلال القضاء ، ويتجاوزه إلى المفهوم الدلالي والتدوالي للدولة ونشوءها

    تدوينة رائعة ، كما كل سابقاتها

اترك رداً على عزيز إلغاء الرد