بين ما هو “طائفي” وما هو “مناهض للطائفية”

أنا بوبريّ الهوى- نسبة لكارل بوبر- والذي إن تعلمت منه شيئا فهو تحاشي الخلاف حول الكلمات والتركيز على الخلاف في القضايا… وأن اللغة بقدر ما قد تكون وسيلة إيضاح وبيان، قد تكون أيضا وسيلة تشويش.. خصوصا بالنسبة للغة العربية التي تعاني مصطلحاتها من أزمة كبرى ترجع في جانب كبير منها إلى انعدام وجود مؤسسات اكاديمية عربية تقوم بحراسة وتطوير وتركيز هذه المفاهيم والمصطلحات. وانطلاقا من هذه الزاوية، سيكون نقاشي هنا لمصطلح الطائفية ليس محاولة لتحديد تعريف للكلمة، بقدر ما هو توضيح لبس أساسي قد يجعل شخصين يتكلمون عن موضوعين مختلفين فقط لأنهما يستخدمات المصطلح استخداما مطاطيا يجعله يستوعب أشياء لا يستوعبها. الأمر الذي حدث لي مكررا عندما أحاول مناقشة ثورة البحرين مع أفراد مختلفين وذلك تحديدا عندما يصل النقاش إلى مصطلح “الطائفية”. أعتقد أن هذا النقاش مهم أيضا، لكون المسألة الطائفية تحولت في زمن الثورات هذا إلى الأداة الوحيدة التي نجح بها نظام عربي إحباط ثورة قامت على أراضيه، في حين فشلت جميع الأدوات الأخرى: كالتخويف من الإسلاميين، والجماعات المسلحة، والعصابات، والفوضى وغيرها.

سأبدأ بوضع الأطروحة الرئيسية التي سأدافع عنها بعد ذلك، وهي كالتالي:

عندما نتحدث عن الطائفية فإننا نتحدث عن مسألة سياسية تتمكن فيها أو تسعى جماعة مذهبية إلى توظيف الدولة لخدمة مصالحها ضدا على جماعة أو جماعات مذهبية أخرى. Continue reading