إلى لبراليي الوهابية: نحن وطنيين غصب على اللي خلفوكم!

كتب تركي الحمد -الذي يتم تقديمه لنا باعتباره لبرالي ومتحرر وحداثي- في تويتر يقول: “قبل أن تكون سنيا أو شيعيا، ليبراليا أو إسلامويا. كن مواطنا أولا وافعل بعدها ما تشا، فالمواطنة حارس في داخلك على وحدة الوطن”. في حين “شرطي الوطنية” في تويتر: محمد آل الشيخ، كتب قائلا: “لست طائفيا وأربأ بنفسي أن أكون طائفيا. ولكن عندما يكون تسامحي ثقبا يلج منه الطائفيون لتمرير أجندات أجنبية سأكون الطائفي الأول بلا تردد”. هذه عينة بسيطة، لحملة كبيرة يقوم بها هذا النوع من اللبرالية الوهابية (كما سماهم يوما الصديق السمهري) – نستطيع تعداد الأسماء: تركي الحمد، محمد ال الشيخ، سعود الريس، سلطان القحطاني…إلخ- على كل شخص بأن يثبت وطنيته بأن يكون “الطائفي الأول بلا تردد”- حسب تعبير آل الشيخ- لما حدث في العوامية.

لكن ما هي هذه “الوطنية” التي “أزعجوا أمنا” فيها؟

نستطيع باختصار أن نقول أن الوطنية عند هؤلاء هي نوع من “علمنة” لتعريف الإسلام وذلك بإحلال “الحكومة” مكان الله. أي أن تكون الوطنية هي “الاستسلام للحكومة والانقياد لها بالطاعة، والبراءة من إيران وكل أدواتها بالمنطقة” (بدل “الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله).

ولأنهم لبراليين وهابيين، فهم مهووسين بالتخوين، كهوس الوهابيين التقليديين بالتكفير… وحتى يكون “تخوينهم” علميا، فسيكون كل ما على محمد آل الشيخ عمله هو أن يستعير من جده “نواقض الإسلام العشرة”، بعد إحلال الوطنية مكان “الإسلام” فتضحي: نواقض الوطنية العشرة، وهي كالتالي:

١- الولاء لإيران ومظاهرها: تأييد حماس وحزب الله، أو اعتبار علماء الشيعة في إيران مرجعيات دينية، أو اعتبار الثورة البحرينية ثورة عربية كباقي الثورات الأخرى…

٢- المطالبة بأن يكون بين المرء وبين الحكومة قوانين وحقوق أو مجلس منتخب، يضحي من أجلها ويناضل.

٣- من لم يخون “عملاء إيران”، أو يشك في خيانتهم، أو صحح نظرتهم لإيران؛ فهو خائن.

٤- من اعتقد أن غير النصيحة السرية أفضل في التعامل مع الحكومة أو أن انتخاب ممثلي من الناس للمشاركة في الحكم أعدل في الحكم فهو كالذي يفضل حكم إيران على الحكومة.

٥- من أبغض شيئا من سياسات الحكومة، حتى لو التزم بها، فهو خائن.

٦- من استهزأ بشيء من سياسات الحكومة (كنظام ساهر مثلا) أو بقراراتها أو عقوباتها، فهو خائن إجماعا.

٧- حرية التعبير ومنها النقد والتحليل، فمن فعلها أو رضي بها فهو خائن.

٨- مظاهرة الصفويين ومعاونتهم على السعوديين، فهو خيانة.

٩- من اعتقد أن بعض الناس بوسعه أن يطالب بالإصلاح فهو خائن.

١٠- الإعراض عن الإعلام الحكومي، لا يصدقه ولا يلتفت إليه. فهو خائن.

وكأي إرهابي يعتقد أنه الوحيد الذي بإمكانه تحديد من هو المسلم من غير المسلم عبر تطبيق نواقض الإسلام التي أتى بها محمد بن عبدالوهاب، يقوم هؤلاء بممارسة نوع من الإرهاب الفكري الذي يجعل بإمكان أي واحد منهم تحديد من هو “الوطني” من غير “الوطني” عبر تطبيق نواقض الوطنية التي هي محض “علمنة” قام بها حفيد بن عبدالوهاب.

وأمام كل هذا الهراء نذكّر هؤلاء الإرهابيين بأن الوطنية ليست مسألة عقائدية ولا مسألة في “داخل” الإنسان- كما يعظ بذلك اللبرالي ودكتور السياسة تركي الحمد؛ بل هي – وببساطة شديدة- علاقة قانونية بين المواطنين.

ومن هذه الزاوية، تصبح أحداث العوامية مثلها مثل أي أحداث عنف حدثت في هذه البلاد، وينطبق عليها ما ينطبق على أي حادثة عنف:

١- يتم التحقيق مع المشتبه بهم حسب نظام الإجراءات الجزائية مع احترام كافة حقوقهم (كونهم بريئين أصالة، توكيل محامي، حق التزام الصمت، عدم التعذيب..إلخ)، وتقديمهم للقضاء لإثبات إدانتهم من عدمها، فإن ثبت إدانتهم يقرر القاضي نوع العقوبة المناسبة لهم. (لا يسمح بأخذ أحد بجريرة غيره، ولا اتهام طائفة بأفعال شخص ينتمي إليها، ولا السماح بتهويل الحدث من أجل تعليق العمل بالقانون).

٢- البدء بإجراءات وقائية تمنع حدوث مثل هذه الإعمال المرفوضة مستقبلا. (إلغاء كافة التمييز الطائفي إن كان ثمّ في أجهزة الحكومة، إجراء إصلاحات عامة لتسريع وتسهيل عمل الحكومة، فتح قنوات ديمقراطية يتم من خلالها التعبير عن المظالم والانتهاكات بطريقة سلمية تمنع الناس للجوء للعنف).

وكذلك انطلاقا من كون العلاقة بين الدولة والمواطن علاقة قانونية، فالوطني- إن كان معنى الوطنية الحرص على سلامة الناس وحرياتهم لا ممارسة العهر الحكومي- هو الذي يرفض انتهاك أي من الطرفيين للقانون الذي بينهما، لكن “اللبراليين الوهابيين” لا تظهر وطنيتهم إلا عندما ينتهك طرف واحد القانون، وهذا الطرف طبعا لن يكون من له “يستسلمون وينقادون بالطاعة”.